في الشهر الكريم، شهر رمضان المبارك سنة 114هـ/ 732م، كانت موقعة بلاط الشهداء ( تور أو بواتييه).
فما هي هذه الموقعة؟ وكانت بين مَنْ؟ وما نتائجها؟ هذه هي الحكاية.
نور الإسلام الذي أضاء معظم آسيا وأفريقيا أيام الدولة الأموية، لم يقف عند هذه الحدود الجغرافية، وإنما امتد حتى جنوب أوروبا. فالقادة المسلمون الفاتحون لم يتوقفوا عند الأندلس فحسب، بل دفعهم الحماس لدينهم إلى عبور جبال البرانس الفاصلة بين الأندلس وفرنسا؛ ليبشروا بهذا الدين العظيم، دين الإنسانية، ودين العلم والحضارة.
كان أول مَنْ فكر في هذا الأمر القائد العظيم موسى بن نصير، الذي أراد دخول فرنسا ثم باقي أوروبا، حتى يصل إلى القسطنطينية - عاصمة الدول البيزنطية- من الغرب.
وظلت فكرة فتح فرنسا حلمًا يراود كل القادة المسلمين، حتى قام بالفعل والي الأندلس "الحر بن عبد الرحمن الثقفي" بدخول جنوب فرنسا، وجعل مدينة "أربونة" قاعدة لمن أراد من المسلمين فتح أوروبا.
وخلف "السمح بن مالك" والي الأندلس "الحر بن عبد الرحمن" فعبأ جيوشه لغزو فرنسا، وما إن وصل إلى غرب فرنسا، حيث يجري نهر الجارون، حتى تصدى له القائد الفرنسي "أودون" في معركة قرب "طولوشة"، استشهد فيها القائد "السمح بن مالك"، وانهزمت الجيوش المسلمة، ورجعت إلى أربونة.
ولم تضعف للمسلمين عزيمة، ولم تلن لهم قناة، وبرغم الصعوبات والمشاق التي اعترضتهم، فإنهم لبوا نداء القائد "عبد الرحمن الغافقي"، حين دعاهم للجهاد ونشر نور الإسلام في أنحاء العالم، وأعلن الجهاد في الأندلس وشمال إفريقيا.
وجاء المجاهدون من كل حدب وصوب إلى القائد عبد الرحمن الغافقي.
وتحرك الجيش المسلم في عدة وعدد ترهب أعداء الإسلام، وما مر ببلدة بفرنسا إلا وامتلأت قلوب أهلها هلعًا ورعبًا وخوفًا حتى وصل المسلمون إلى بلدة بواتييه، والتي تبعد عن باريس 70 كيلو مترًا. وكان خوف الفرنسيين نتيجة الإشاعات والدعاية الكاذبة عن المسلمين والإسلام من قبل اليهود والقسيسين أصحاب المنفعة في أن تظل البلاد بعيدة عن الإسلام. وعند بواتييه، أعلن "شارل مارتل" النفير العام، لمواجهة زحف المسلمين نحو أوروبا، وأرسل له بابا الكنيسة جيشًا؛ ليشد أزره، ففاق عددهم عدد المسلمين.
والتقى الجيشان في منطقة قد غُطت بالغابات والأحراش، وهناك دارت رحى معركة طاحنة، استمرت عدة أيام، أحسن فيها المسلمون البلاء والقتال، ولولا هطول الأمطار المستمر، الذي أعجز خيول المسلمين عن الثبات، وكثرة الغابات والأحراش لانتصر المسلمون. ولكن سقوط القائد عبد الرحمن الغافقي شهيدًا مع صفوة من جنده، اضطر المسلمين للانسحاب من أرض المعركة في جنح الظلام، تاركين وراءهم ذكرى أليمة، وأملاً قد تحطم أمام أعينهم طالما راودهم في نشر الإسلام في ربوع أوروبا.
وأطلق المسلمون على هذه المعركة اسم "بلاط الشهداء" لكثرة شهداء المسلمين فيها. وهكذا توقفت فتوحات المسلمين ناحية الغرب بعد هذه المعركة.
واستمرت عصور الظلام تخيم على أوروبا، بينما المناطق التي فتحها المسلمون في الأندلس شهدت تقدمًا حضاريًا وعلميًا عريقًا، كان نقطة الانطلاق في التقدم التكنولوجي والعلمي الحالي.
اعداد الطالب / عبدالله واهاما ساما علي . (عبدالله أحمد)
تـــحــيـــاتــي للـــجـمـيـع