صور وعبر من بلاد البلقان
سابعاً: مواقف الغرب المنحازة ضد المسلمين
استمعوا إلى هذه الحقيقة: في وقت مبكر من هذا القرن العشرين الميلادي شعرت الدولة الاستعمارية بشيء من القلق، فعهدت إلى بريطانيا زعيمة الصليبية الصهيونية يومئذ بدراسة الأمر، واقتراح الحل، فعهدت بهذه بدورها إلى واحد من رجالها أن يدرس الأمر وهو اللورد "بيترمان" الذي كتب تقريره الشهير عام 1907 والذي قال فيه:"هناك شعب واحد يسكن من المحيط إلى الخليج" يقصدنا.
"هناك شعب واحد يسكن من المحيط إلى الخليج -يقصد المنطقة العربية من العالم الإسلامي- لغته واحدة، وأرضه متصلة، ودينه واحد، وماضيه مشترك، وآماله مشتركة، وهو الآن في قبضة أيدينا، ولكنه أخذ يتململ، فماذا يحدث لنا غدا إذا استيقظ العملاق؟.
ثم قدم الحل المقترح، يجب علينا أن نقطع اتصال هذا الشعب بإيجاد دولة دخيلة تكون صديقة لنا وعدوة لأهل المنطقة، وتكون بمثابة الشوكة تخز العملاق كلما أراد أن ينهض، وهناك أنشئت دولة إسرائيل التي أوجدتها الصليبية الصهيونية؛ لتكون بمثابة الشوكة تخز العملاق كلما أراد أن ينهض، تقتل الفلسطينيين أصحاب الأرض، وتنهب أراضيهم، وتسجن وتشرد وتعذب، وأمريكا تقف بالمرصاد في مجلس الأمن تستعمل حق الفيتو لتمنع مجرد الإدانة الشفوية التي لا تقدم ولا تؤخر في واقع الحال.
أما إذا قام الشعب الفلسطيني يدافع عن نفسه بالحجارة فالدنيا كلها تتآمر للقضاء على الانتفاضة التي تعكر صفو السلام.
إسرائيل تصنع الأسلحة، انظروا إلى هذه المفارقات، انظروا إلى هذه المفارقات العجيبة، بل والله حقائق: إسرائيل تقتل وتدمر وتشرد، وتستخدم أمريكا حق الفيتو ضد إصدار قرار، وماذا ينفع إصدار قرار؟ أما شباب الانتفاضة الفلسطينية أطفال فعندما يرمون اليهود بالحجارة يجب القضاء عليهم، لماذا؟ لأنهم يعكرون صفو السلام.
استمعوا إلى هذه المفارقات، إسرائيل تصنع الأسلحة النووية والكيمائية والبيولوجية، وأمريكا تمدها بمزيد من السلاح ومزيد من الخبرة التكنولوجية، وتفتح لها خزائن أموالها وخزائن أسرارها، ثم تمنع العرب -علانية- من تملك وسائل الدفاع عن أنفسهم ضد العدوان الإسرائيلي المستمر.
الهند تصنع الأسلحة النووية، وترفض التوقيع على معاهدة الحد من التجارب النووية، ولا أحد يلومها أو يقاطعها أو حتى يهدد بمقاطعتها، وباكستان تتلقى التهديدات من أمريكا إذا لم تكف عن محاولة الوصول إلى أدنى درجات السلاح النووي، لتستطيع -على الأقل- حماية نفسها من التهديد النووي.
وفي الهند تقوم الدولة بتعقيم إجباري للرجال المسلمين للحد من زيادة عددهم، ويقوم الهندوس بمهاجمة القرى الإسلامية، وتحريقها على أهلها أحياء، وتجيء الشرطة فتطلق النار على الفارين من القرى المحترقة بتهمة إحداث الشغب، ويتكرر هذا الأمر مرات ومرات، والإعلام العالمي يمارس مؤامرة "الصمت القاتل"، ولا تتدخل حقوق، ولا تتدخل رجال حقوق الإنسان، ولا يرتفع صوت واحد في هيئة الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن يستنكر هذه البربرية الوحشية.
بينما يتلقى السودان شحنة من الغضب الأمريكي الهادر وتتحرك رجال حقوق الإنسان؛ لأن سودانيا نصرانيا اتهم بالتجسس لحساب أعداء الإسلام وحوكم وأدانته المحكمة فحكم عليه بالإعدام، يا للبربرية أيعدم الجاسوس؟ وفي غيرها دائما يحدث الكيل بمكيالين، وعلى المكشوف.
الغرب، الغرب من مذبحة البوسنة والهرسك أسوأ بكثير من كل مواقفه السابقة المنحازة ضد المسلمين، المذبحة أبشع، والتخاذل الخسيس أخس، لا يمر يوم واحد دون أن يذبح رجال أو نساء أو أطفال، أو تغتصب نساء، والإعلام المنحاز -ذاته- لا يملك أن يسكت لشناعة ما يحدث وتجاوز كل حد، ومع ذلك لا يتحرك أحد في الغرب. كلا بل يتحركون لمنع وصول السلاح للبوسنويين ليدافعوا عن أنفسهم.
"يـا سـراييفو يا حـصـيد الحمام شـاب فيـك الـرضيع قبل الفطام
أعجـل الموت عـنـه أمـا رؤوما وأبـا حانيـا سـوى في الرغـام
قـدر قـد رمـى فأصمـا فـأردى كـيف يرجـى النجاء والموت رام
ثأرنـــا سـاهر الإبـاء جـريح ليس يغفـو علـى الجـفون الدوام
مـا لنـا أمـــة تداعى عـليها أكـلـوهـا مـن الطغام اللئــام
لـوث الصـرب ثوبهـا واستباحوا كـل مـا كـان ممعنا في الحـرام
واسـتطال اليهـود في القدس بغيا واختيالا عـلـى رقـاب وهــام
والـنظام الجـديد في عـالم اليوم قــد اختـار سـحقنا بانـتظـام
لا فض فوك أيها الشاعر:
والنـظـام الجـديد فـي عالم اليوم قـــد اختـار سـحقنا بانتظـــام
لا تظنـوا فـي مجـلس الأمن خيرا فالمحامي عـن الضحايـا حـرامـي
قـد رأوا ما يحل في بصمة الإسلام لكـن أخــفوا رؤوس النعــــام
ليس ترضى عنا اليهود ولن ترضى الـنصارى ما دام ديـننـا الســلام
أيها الأحبة...
أرأيتم هذه الحقائق الدامغة؟ أرأيتم هذه المآسي التي يندى لها الجبين؟ أرأيتم ما يفعله الغرب بإخواننا من تقتيل وتشريد وسحق؟، إنها مؤامرة متكاملة في فلسطين، في كشمير، في الفلبين، في الصومال، في البوسنة والهرسك.
ا
الاسم : عبدالرحمن محمد أمين بادومياه [b]